أصدرت محكمة أمن الدولة الأردنية، الأربعاء، أحكامًا بحق متهمين في ملفاتٍ قالت السلطات إنها استهدفت الأمن الوطني وأغراضًا تمسُّ سلامة المجتمع، في قضايا كشفت عنها الأجهزة منتصف أبريل الماضي. وتتفاوت الأحكام بين سنواتٍ طويلة من الأشغال المؤقتة وقرارات بالإفراج أُخرى، فيما تظل أحكام المحكمة قابلة للطعن أمام محكمة التمييز.
في قضية تصنيع صواريخ، طبّق القضاء أعلى عقوبة منصوص عليها بين التهم، فحكم على كلٍّ من عبدالله هشام ومعاذ غانم بالأشغال المؤقتة مدة 15 سنة مع تضمين الرسوم، فيما حُكم على محسن غانم بالأشغال المؤقتة مدة 7 سنوات ونصف مع الرسوم. وأسندت المحكمة إلى الأولَين تهمة تصنيع أسلحة بقصد استخدامها على نحو غير مشروع بالاشتراك، فيما وُجهت للثالث تهمة التدخل في تصنيع أسلحة بنفس الصيغة، استنادًا إلى مواد من قانون منع الإرهاب رقم 55 لسنة 2006 وتعديلاته.
أما التهم المشتركة فشملت كذلك القيام بأعمال من شأنها الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وهي تهمٌ وُجهت إلى المتهمين الثلاثة بمقتضى موادٍ محددة من قانون منع الإرهاب.
في ملف التجنيد، قضت المحكمة بالأشغال المؤقتة لمدة 3 سنوات وأربعة أشهر مع الرسوم على كلٍّ من مروان الحوامدة وأنس أبو عواد، بعد إدانتهما بأعمال اعتُبرت من شأنها إخلال النظام العام وتعريض أمن المجتمع للخطر، وفق نصوص قانون منع الإرهاب.
وبالنسبة لقضية التدريب على أعمال غير مشروعة، حكمت المحكمة على خضر عبدالعزيز، وأيمن عجاوي، ومحمد صالح، وفاروق السمان بالأشغال المؤقتة لمدة 3 سنوات وأربعة أشهر مع الرسوم، عن تهمة تنظيم وتقديم دورات أمنية ودورات متقدمة داخل المملكة بهدف إعداد أفرادٍ لتنفيذ أعمالٍ يُكلّفون بها لاحقًا.
في تطورٍ مختلف عن بقية الملفات، خلصت محكمة أمن الدولة في ملف الطائرات المسيرة (الدرونز) إلى عدم مسؤولية المتهمين عن التهم المسندة إليهم من النيابة العامة، معتبرةً أن "القصد الخاص" المتطلب قانونًا لقيام الجريمة لم يثبت لديها؛ فاتُخذ قرار بالإفراج عن علي أحمد قاسم وعبدالعزيز هارون وعبدالله الهدار وأحمد خليفة.
تتضمن وقائع القضايا بحسب ما سُرد أمام المحكمة أن خليةً مؤلفة من ثلاثة عناصر عملت على تصنيع هياكل صاروخية داخل الأردن وأنشأت مستودعين للتصنيع والتخزين في الزرقاء وعمان، بما في ذلك مخبأ محصن، وأنها تلقت تمويلًا وتدريبًا من خارج البلاد وتمكنت من إنتاج نموذج أولي لصاروخ قصير المدى. وفي ملف التجنيد، تشير الوقائع إلى تنقّلاتٍ إقليمية وتعاون مع أطراف خارجية لتجنيد شباب داخل المملكة عبر آليات اتصال سرية وتحديد "نقاط ميتة" لزرع مواد. أما ملفات التدريب فتكشِف عن دورات أمنية متقدمة أعدت لإعداد المشاركين لمهامٍ مستقبلية.
تؤكد الأحكام المقيسة ضد متهمي ملفات التصنيع والتجنيد والتدريب أن السلطات الأردنية تعامل مثل هذه الوقائع باعتبارها تهديدًا مباشرًا للأمن الداخلي، بينما تُظهر حالة ملف الدرونز أن الأدلة القانونية وركائز القصد الجنائي تبقى حاسمة في تحديد المساءلة الجنائية، حتى في ملفات تقنية قد تبدو حساسة سياسياً وأمنياً.
تجدر الإشارة إلى أن قرارات محكمة أمن الدولة قابلة للطعن أمام محكمة التمييز، ما يعني أن المشهد القضائي لا يزال مفتوحًا أمام مراحل استئنافية قد تُعدّل من الأحكام أو تصونها.